تغيرت مفاهيم كثيرة عن الكون والإنسان في القرنين الماضيين، وازدادت وتيرة التغيير مع التقدم العلمي والتكنولوجي، إلى أن وصلنا اليوم إلى مرحلة الذكاء الصناعي المندفع في اتجاهنا بسرعة مخيفة، لا نملك معها وقتًا للتفكير وتأمل واقعنا والتخطيط لمستقبلنا.

لم تجب الكتب والكتابة أحدًا عن السؤال الأهم في التاريخ البشري، أقصد به سؤال الموت، لكنها حتمًا استطاعت جعل المتعلقين بها يدركون أهمية الحياة وأهمية الاستمتاع بها واستثمارها حتى اللحظة الأخيرة بكل ما يغني الروح البشرية.

يُلاحَظُ في أوساطنا الثقافية العربية، والإعلامية منها بخاصة، خفوتٌ واضح في تناول الموضوعات العلمية لصالح الإفراط في نمط محدّد من الكتابات الأدبية العامّة البعيدة عن نبض العصر والموضوعات الإشكالية السائدة فيه.

أسئلة صعبة تلك التي تدور بعقولنا ونحن نتابع مشاهد الرعب والخوف تكسو وجوه الناجين من الكوارث الطبيعية، ومناظر الخراب الهائل، الذي لم يبق على شيء من عمراننا ومدننا. لا تخلو بعض الأسئلة من مرجعيتها الدينية وعلاقتها بإيماننا المطلق بالقضاء والقدر.

تلقت الآنسة المصونة خديجة، صبيحة عيد الفطر، عشر تهانٍ مصوّرة فيها فوانيس مضاءة معلقة في الهواء حول صومعة مسجد كازابلانكا، ومع كل تهنئة ثلاثة أدعية على الأقل يليها طلب أن تكون مستجابة في القريب العاجل.

يحيلنا فيلم "أوبنهايمر" (Oppenheimer) للمخرج كريستوفر نولان الذي يعرض حاليًا في دور السينما، إلى ذلك الجدل حول المنظومة القيمية التي ناقشها العلماء قبيل الحرب العالمية الثانية، عند لحظة تحوّل قاطعة مع أجهزة المختبرات.

يقول فرانسوا نودلمان في كتابه "عبقرية الكذب" بأنّ الحكم الأخلاقي يعطّل مقدرتنا النقدية الموضوعية في مقاربة موضوع ما. وما زالت الوصمة الأخلاقية تطارد مخترع البارود ألفرد نوبل، على الرغم من كل الجوائز التي مُنحت باسمه.

الروائي اليمني حبيب عبد الرّب سروري يؤثر القول بالتخييل العلمي على القول بالخيال العلمي. هذا التفريق يتأسس في تعلق روايات الخيال العلمي بالمستقبل، بينما يمكن لروايات التخييل العلمي أن تتعلق أيضًا بالحاضر، وهذا ما (تلعبه) رواية سروري "جزيرة المطِّففين" بحذاقة.

في سلسلة سميّت في التسعينيات من القرن الماضي "كيف نصنع أوروبا"، صدر عام 1994 كتاب هام للكاتب الإيطالي الشهير أومبرتو إيكو بعنوان "البحث عن اللغة الكاملة الأوصاف في الثقافة الأوروبية"، وصدر في آن معًا بالإيطالية، والفرنسية، والألمانية، والإنكليزية، والإسبانية.

من وليام موريس إلى أورسولا كروبر لي غوين وإيان إم. بانكس، وفّر الخيال العلمي متنفَّسًا للمفكرين الاشتراكيين، مقدِّمًا للقراء استراحةً قصيرة من الواقعية الرأسمالية ومتيحًا لنا تخيّل عالم مختلف اختلافًا شاسعًا.